متلازمةُ الحُزن السّاعةُ الرّابعة فجرًا أستيقظتُ على أنينِ زفراتي، حاولتُ محاربةً ذلك الشبحَ الذي يدنو إليّ، قاتلتُهُ بشدّة، أحببتُ كتمانهُ، لكنّي لن أستطع، فعلاماتُ ذلك الشبح ينسدلُ بأعماق جسدي كأفعى خبيثة رمت سُمُّها بي. أستيقظتُ ودموعُ عينيّ تتسابقُ لِتسقطَ على وجهي، حاولتُ أن تعيدُ إبتسامتي التي أختفت منذُ بضعةِ أيام. كانت أولى دمعةٍ سقطت لِأنّني مازلتُ على قيدِ الحياة، هذه العبارة التي تجعلني أصمُد أكثر، تجعلُني بصلابةٍ أقوى. كلّما أنظر بالمرآة وجدتُ ضحكة طفلاي تنرسم أمام عينيّ، سمعتُ نداء زوجي "أنا معك، كوني بخير لأجلي". ذلك الشبح المخيف أتاني على غفلةٍ من أمري، لم أشعر بتملُّكه جسدي إلّا بالقليل من الآلام، والتعب والإرهاق الدائم. ذلك الحال التي شعرتُ بها، تكررت كلّ يوم، رافقت ليلي ونهاري، كانت أشبه بنارٍ يسري في ثنايا روحي، بجرعة يحظى بها الجسد ليصل إلى السلام. في صباحِ اليوم العاشر من شهرِ شباط، لم أتوقع بأنني سأصبح ضعيفة إلى هذا الحد، جلستُ على المقعد البلاستيكي أرقب سماع اسمي، كانت درجة حرارتي ترتفع حينًّا وتبرد أُخرى، احمرارٌ تلوّن به خدايّ الضعيفين، هبّات ساخنة أرتجف بها قلبي معلنًا تسارع نبضاته، جفاف عمّ شفتاي، وخدرٌ هدّ حيلي. في ذلك اليوم مللتُ الانتظار، ترقبتُ عقارب الساعة دقائق تلتها ثواني، أصبحت الساعة الثانية عشر ظهراً، وأخيراً نادني صوت جشع، كرهت اسمي لأجله، في تلك اللحظات فيديو حياتي مرّ أمام عينايّ، أغنية الوداع الأخير خطرت ببالي. بهدوءٍ دخلتُ إلى غرفةِ التحاليل، وأخذوا عيّنة من دمي لفحصها، وعدت إلى البيت مهزومةَ الأفكار، مصابةٌ بِداءِ القلق والخوف. اسندتُ رأسي على وسادتي، وبدأت أبحث عن حلّ لهذا الشبح. حاولتُ إخماد نار قلبي وفكري ،لكن ثقتي جفّت بمن حولي، غيومٌ داكنة اجتمعت فوق مخيلتي. ازداد نبضي وقشعريرة عمّت كياني. _اللعنة لتلك الحالة، هل هذا خوفٌ أم إنه الموت يقترب منّي؟ رفعتُ رأسي عن وسادتي وأعلنت نسيان حالتي هذه. إنه مرضٌ عادي، لماذا الهلع والخوف ينتابني؟ حتمًا إنه ينافسني، سأكون أقوى من وجوده وسأنتصر عليه.. أفكارٌ سوداوية خيّمت في رأسي قبل إعلان نتيجة التحاليل. سبحان الله؛ جميعنا نحاول التمسّك بالحياة، بيضاء كانت أم رمادية، لن أقول سوداء، فنحن من يجعلها تتلوّن بوجودنا وعظمتنا. _نغمة اسمعها؛ إنه الدكتور المختص: "أهلا بك دكتور. *مرحبًا صديقتي، أودُّ أن أُطلعك ع ل... قاطعته بالكلام: "ماذا تطلعني؟ عرفت أنّني مصابة بذلك المرض. رد عليّ بصوت قوي: *دعيني أكمل، عن أي مرضٍ تتكلّمين؟ ما بكِ تتوسلين. كلُّ ما في الأمرِ لديك نقص فيتامين د، ونقص الحديد، لماذا كل هذا الخوف؟ أحسستُ بوعاءِ ماءٍ سُكب على جسدي، احترتُ بين الضحكِ والبكاء، ارتجفت يداي، وعمّ جسدي ابتسامة. "دكتور، وكل هذه الأعراض ليست لذلك المرض؟ ردّ، نعم صديقتي، القليل من الأدوية والمراقبة الصحية، سوف تتماثلين بالشفاء. انتهت المكالمة، وعينيّ تنغمران بالدموع، فقد فاضت كنبعٍ.
1 تعليقات
دام نبضك..
ردحذف