بقلم الصنعية: صوفيا بوعود

 أجل أنا التي ستعلّم الأطفال أنّهم يتنفسون بفضل الأسناخ في الرئة، التّي ستشرح لهم كيف تحدث الزلازل من حولهم، التي تروي لهم عن النّباتات وكيف تنمو من البذرة إلى الثمرة، التي تصف لهم الحركة وكيف تحدث بدء من الدّماغ إلى العضلة، التي تعلّمهم وظائف أجسادهم وما يحدث في خلاياهم كلّ لحظة.... أجل، بعد ثلاث سنوات أنا أستاذة علوم الطبيعة والحياة التي ستفتح أعين تلاميذها على أنفسهم وما حولهم، الأستاذة التي تري لأطفالها العالم كما لم يعرفوه من قبل، الأستاذة التي تبدأ الاكتشافات في حصّتها لعالم الإنسان والحيوان والنّبات والأرض! أرى نفسي هناك أتوسّطُ مخبري، أرتدي مئزري الأبيض، خلفي سبورتي التي رسمتُ عليها مخطّطا للدّرس، وأمامي شاشةُ العرضِ تُظهِر صورًا وفيديوهات عن موضوعنا اليوم، من حولي النّباتات التي تزيّن قسمي وتمثّل المادّة التي يحتويها، تحاوطني عديدُ المجسّمات للأعضاء والتضاريس، ويقابلني تلاميذي وهم جالسون في أماكنهم أجولُ بهم في أعماق العلوم أين تتفتّح أذهانهم وينمو خيالهم ويستشعرون عظمة الخالق في كونِه ومخلوقاته! لا أستطيع وصف إحساسي آنذاك، شعورُ أنّك تلقّن روحًا شيئًا عن جسمها ومحيطها، وحقيقة أنّك تربّي أجيالاً تفهم حجم الإبداعِ فيها وفي كلّ ما حولها من كائنات، وإدراكُ أنّك في دورِ المعلّم أنبل الأدوار وأشرفها... كلّ هذا يجعلني أمسكُ حلمي وأعانقه بين يديّ، والحمد لله، أنا في طريقي لذلك الحلم وشددتُ الرّحال إليه منذ أشهر، والآن تفصلني ثلاثُ سنوات عن تخرّجي ومضيّي في عالم التّعليم، إلى حيث أنتمي. 


صوفيا بوعود

إرسال تعليق

0 تعليقات